التصدي لموجة الحر الأميركي
يتوقع أن يواجه نحو 50 مليون أميركي درجة حرارة تزيد على 100 فهرنهايت (أي نحو 38 مئوية) في الأيام القليلة المقبلة، وسط قبة مترامية الأطراف من الحرارة ستبتلع معظم جنوب الولايات المتحدة. وهناك تحذيرات من الحرارة الشديدة قائمة في فلوريدا وتكساس ونيو مكسيكو، ويشمل التحذير من درجات الحرارة الشديدة مساحات كبيرة من أريزونا وجنوب كاليفورنيا ونيفادا. وبالإضافة إلى الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة، وستكون خطيرة على البعض، فإن درجات الحرارة ستكون طويلة الأمد أيضاً.
وسجلت فينيكس، على سبيل المثال، بالفعل عشرة أيام متتالية بلغت فيها درجات الحرارة 43 درجة مئوية أو أكثر، وهي سابع أطول فترة مسجلة. وتشير التوقعات إلى ارتفاعات تتراوح بين 43 و47 درجة مئوية. وقد يدفع ذلك المدينة المعرضة للحرارة إلى أطول فترة من موجات الحر على الإطلاق فوق هذا المستوى. وستكون الحرارة جافة، لكنها مؤلمة في الجنوب الشرقي، في حين أن جنوب وسط الولايات المتحدة وجنوب السهول ستكابد الرطوبة الناتجة من خليج المكسيك. وسيتداخل ذلك مع درجات الحرارة المرتفعة ليدفع مؤشرات الحرارة إلى منطقة خطرة.
ويتزايد حجم القبة الحرارية، أو سلسلة التلال ذات الضغط العالي التي تجلب الهواء الساخن والجاف الخاضع لضغط مرتفع – لتصبح في مساحة ولاية نيو مكسيكو. وفي الأيام المقبلة، ستمتد القبة من كاليفورنيا وشبه جزيرة باجا في المكسيك إلى أقصى الجنوب. وسيؤدي ذلك إلى اندفاع التيار النفاث، وأي طقس بارد أو عاصف، عبر كندا أو شمال الولايات المتحدة.
وعبر الولايات الجنوبية والوسطى، سترتفع درجات الحرارة. وستتكثف هذه القبة الحرارية في الأيام القليلة المقبلة، مع ارتفاع كل يوم لدرجات الحرارة، خاصة عبر الجنوب الشرقي. وحذرت دائرة الطقس الوطنية في لاس فيجاس من أن «الحرارة الشديدة ستزيد بشكل كبير من احتمالية الإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة، خاصة بالنسبة لمن يعملون أو يشاركون في الأنشطة الخارجية». وأشارت الدائرة أيضاً إلى أن وديان الأنهار التي يغامر فيها معظم الناس بالمشي لمسافات طويلة أو بممارسة الرياضات المائية أو غيرها من الأنشطة الترفيهية في الهواء الطلق، هذه الوديان ستكون أكثر سخونة في الغالب. وفي الجنوب الغربي، توجد أعلى درجات حرارة في ولايات كاليفورنيا وأريزونا ونيو مكسيكو.
ومن المتوقع أن تصل درجة حرارة وادي الموت في كاليفورنيا إلى 52 درجة مئوية، وذلك بعد أسبوع من زيادات مطردة تتراوح بين 43 و48 مئوية. وقد تزيد حرارة الوادي على 54 درجة مئوية. ومن المتوقع أن تحوم درجة الحرارة في فينكس حول 43 مئوية، دون أن تنخفض أدنى مستوياتها خلال الليل عن 32 مئوية.
وستنتشر الحرارة الشديدة في وادي سان خواكين وصحراء موجاف، مع احتمالية ارتفاع درجات الحرارة إلى ما بين 40 و46 مئوية. يؤجج الطقس الحار والجاف الحرائق، فقد اشتعل 11 حريقاً كبيراً في ولايتي نيو مكسيكو وأريزونا. وفي تكساس، ستتداخل الحرارة مع الرطوبة. صحيح أن درجات حرارة الهواء الفعلية قد لا تحطم الأرقام القياسية، مع بقاء درجة الحرارة في تكساس حول 38 مئوية، فإن الظروف الرطبة ستؤدي إلى تفاقم مخاطر الحرارة.
ومن المتوقع أن تصل مؤشرات الحرارة إلى ما بين 40 و43 مئوية طوال الأسبوع في مدن مثل دالاس وسان أنطونيو وواكو وأوستن وهيوستن، بينما قد تشهد أقصى جنوب تكساس مؤشرات حرارة أقرب إلى 46 مئوية. وبالنسبة لفلوريدا، فإن الارتفاع فوق 32 مئوية والرطوبة الزائدة سيؤدي إلى ارتفاع مؤشرات الحرارة إلى فوق 40 مئوية. وشهدت ميامي درجات حرارة بلغت نحو 40 مئوية لكل يوم من الأيام السبعة الماضية، وقد يستمر هذا الارتفاع. ووصل مؤشر الحرارة إلى 38 درجة مئوية أو أعلى كل يوم خلال الأسابيع الأربعة الماضية.
ولا نهاية في الأفق، فالهواء الحار والجاف من الصحراء يؤدي إلى سماء صافية في الأعلى ويسمح لأشعة الشمس بالتدفق. ودرجات حرارة المياه المرتفعة التي تدور حول 34 مئوية قبالة الساحل الجنوبي الغربي لفلوريدا تضيف رطوبة شديدة إلى الهواء. وفي الجنوب الغربي، الحرارة خطيرة لأنها قد تصيب الناس بالجفاف، ويصبح من السهل الوقوع ضحية «الحرارة الجافة».
وفي تكساس والجنوب الشرقي، ستمنع الرطوبة الشديدة العرق من التبخر في الهواء، مما يعني أننا نفقد تأثير التبريد لهذا التبخر. ومن دون هذه الآلية، لن يتمكن الأشخاص في الخارج من تبريد أنفسهم بشكل طبيعي، مما يؤدي إلى تفاقم ضغط الحرارة على الجسم. وفي مناطق كثيرة، لن تنخفض أدنى درجات الحرارة في الليل إلى أقل من 26 مئوية.
صحيح أن ملاجئ التبريد تكون مفتوحة غالباً خلال النهار، لكنّ عدداً قليلاً منها نسبياً سيتوافر للسكان على مدار 24 ساعة في اليوم. وقد تكون أدنى درجات حرارة في الليل خطيرة بشكل خاص على كبار السن وغيرهم من الفئات السكانية الضعيفة، لأنها تمنع الجسم من تحقيق فترة تهدئة ليلية طبيعية. وستؤدي الفترة الطويلة لارتفاع درجات الحرارة إلى تفاقم الضعف وخاصة لدى الذين يعملون أو يعيشون في الخارج أو يحرصون على توفير كلفة الكهرباء في تبريد الهواء.
*حاصل على درجة الدكتوراه في علوم الغلاف الجوي من جامعة هارفارد
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»